عندما دخلت مكاتب جريد في جدة لأول مرة قبل عامين، لم أكن أبحث عن وظيفة عادية في التطوير العقاري. كنت أبحث عن هدف حقيقي، شيء يتجاوز التقارير الفصلية وأهداف المبيعات، شيء يساهم بشكل فعلي في التحول الذي يحدث في مملكتنا.
وما وجدته في جريد كان بالضبط ذلك.
أبعد من البناء: نهج مختلف
قبل انضمامي إلى جريد، عملت مع عدة مطورين عقاريين في منطقة الخليج. معظمهم كان يتعامل مع المشاريع بنفس الطريقة: تحديد الأرض، زيادة عدد الوحدات إلى الحد الأقصى، التسليم في الوقت المحدد، ثم الانتقال إلى الموقع التالي. نهج فعال ومربح بلا شك، لكنه بدا لي معاملات تجارية محضة.
جريد تعمل بشكل مختلف، وهذا الاختلاف أصبح واضحاً منذ أول اجتماع مشروع حضرته. لم نكن نناقش عدد الوحدات التي يمكن وضعها في قطعة الأرض، بل كنا نتحدث عن كيفية تحرك العائلات في المساحة. أين سيلعب الأطفال. كيف قد يلتقي الجيران بشكل طبيعي. كيف سيبدو المجتمع بعد عشر سنوات، عشرين، خمسين سنة.
لم تكن هذه لغة تسويقية، بل اعتبارات تصميمية حقيقية تقود قرارات فعلية.
رؤية 2030 أكثر من مجرد شعار
كل شركة في المملكة العربية السعودية تذكر رؤية 2030. إنها موجودة على المواقع الإلكترونية، في العروض التقديمية، في بيانات المهمة. لكن هناك فرق كبير بين ذكرها وبين السماح لها بتشكيل ما تبنيه بشكل جوهري.
في جريد، رؤية 2030 ليست مجرد موقع تسويقي، إنها واقع تشغيلي نعمل به يومياً.
عندما نصمم هضاب العبهر، نحن لا نخلق 567 قطعة فيلا وتاون هاوس فقط. نحن نسأل أنفسنا: كيف يدعم هذا المجتمع المخطط أهداف جودة الحياة في رؤية 2030؟ كيف تقلل إمكانية المشي من الاعتماد على السيارات وتحسن الصحة؟ كيف تعزز المرافق المتكاملة التواصل المجتمعي الذي تؤكد عليه الرؤية؟ كيف يتماشى نهجنا في الاستدامة مع الالتزامات البيئية؟
هذه الأسئلة تبطئنا أحياناً، وتجعل المشاريع أكثر تعقيداً، لكنها أيضاً تجعلها أفضل بكثير.
العنصر الإنساني
ما فاجأني في العمل بجريد لم يكن التوافق مع رؤية 2030، بل مدى جديتنا في تطبيق فلسفة "الإنسان أولاً".
خلال عملية تصميم ريفيرا ريزيدنس، قضينا أسابيع نناقش اتجاهات الشرفات. ليس لأسباب جمالية معمارية، بل لأننا أردنا أن نفهم كيف تستخدم العائلات السعودية المساحات الخارجية فعلياً. متى يفضلون شمس الصباح مقابل ظل بعد الظهر؟ كيف يمكننا زيادة الخصوصية مع الحفاظ على الإطلالات؟ ما حجم الشرفة الذي يدعم الاستخدام العائلي الحقيقي وليس مجرد عنصر تصميمي؟
هذا الاهتمام بالتجربة المعاشة يمتد إلى ما هو أبعد من المشاريع السكنية. عند التخطيط لمكونات مشروع PS1 متعدد الاستخدامات، درسنا الروتين العائلي الفعلي. متى يحتاج الآباء العاملون إلى رعاية الأطفال؟ متى يتسوقون للبقالة؟ كيف يمكننا دمج هذه الخدمات لتقليل التوتر بشكل حقيقي وليس فقط لزيادة إيرادات المشروع؟
قد يبدو هذا واضحاً عندما أكتبه، لكن في الواقع، معظم المطورين لا يعملون بهذه الطريقة. من الأسهل اتباع الصيغ القياسية بدلاً من فهم كيف يعيش الناس حقاً.
قرارات صغيرة، تأثير كبير
من أكثر اللحظات التي أفخر بها في جريد تلك القرارات التي تبدو بسيطة لكنها تعكس قيمنا بعمق.
العام الماضي، كنا نضع المواصفات النهائية للمساحات المجتمعية في هضاب العبهر. اقترحت ضغوط الميزانية تقليل شبكة الممرات المغطاة. كان من الممكن أن يكون توفيراً سهلاً في التكلفة، ومعظم المشترين لن يلاحظوا ذلك أثناء زيارات الموقع.
لكن فريقنا رفض. في مناخ جدة، الممرات غير المغطاة تعني أن الناس يقودون السيارات بدلاً من المشي، حتى لمسافات قصيرة. هذا القرار الواحد، الحفاظ على الممرات المغطاة، يدعم أهداف الصحة والاستدامة في رؤية 2030 أكثر من أي بيان مؤسسي
وهذه اللحظات تحدث باستمرار. اختيار تنسيق حدائق محلي مقاوم للجفاف بدلاً من العشب كثيف استهلاك المياه. تصميم مواقف سيارات لا تهيمن على مشهد الشوارع. إنشاء مناطق لعب للأطفال مرئية من المنازل دون المساس بالخصوصية.
كل قرار يكلف أكثر مقدماً. كل واحد يجعل مشاريعنا أقل ربحية قليلاً على الورق. وكل واحد يجعلها أماكن أفضل بكثير للعيش.
من منظور الاستثمار
غالباً ما يُطرح علي السؤال: هل نهجنا هذا، الوقت الإضافي، المعايير الأعلى، فلسفة الإنسان أولاً، هل كل ذلك منطقي من الناحية التجارية؟
الإجابة الصريحة: على المدى القصير، الأمر أصعب. المشاريع تستغرق وقتاً أطول. الهوامش أحياناً أقل. نخسر أحياناً عطاءات لصالح منافسين يقدمون بدائل أرخص وأسرع.
لكننا لا نبني للنتائج الفصلية، بل نبني مجتمعات ستخدم العائلات السعودية لأجيال.
العائلات التي تستثمر في ريفيرا ريزيدنس أو هضاب العبهر لا تشتري عقاراً فقط، بل تشتري فلسفة حول كيف يجب أن تُعاش الحياة. إنهم يختارون مطورين يفكرون بما يتجاوز المعاملة التجارية إلى التحول الحقيقي.
وبشكل متزايد، المشترون السعوديون يدركون هذا الفرق. لقد رأوا ما يكفي من التطويرات المتسرعة، الجودة المُساوَم عليها، المشاريع التي بدت رائعة على الرسومات لكنها خيبت الآمال في الواقع.
نهج جريد، الأبطأ، الأكثر تفكيراً، الأغلى مقدماً، يخلق تطويرات لا ترتفع قيمتها من الناحية المالية فقط، بل في التجربة المعاشة. وهذا هو نوع الاستثمار الذي يتماشى مع التفكير طويل الأجل لرؤية 2030.
التحديات والواقع
لا أريد أن أقدم صورة غير واقعية. العمل في جريد ليس سهلاً دائماً.
معاييرنا تخلق ضغطاً حقيقياً. عندما نلتزم بالاستدامة، لا يمكننا المساومة بهدوء عندما ترتفع التكاليف. عندما نعد بتصميم يركز على المجتمع، لا يمكننا اتخاذ اختصارات عندما تضيق الجداول الزمنية. عندما نتماشى مع رؤية 2030، نكون محاسبين على تلك المبادئ.
هناك لحظات إحباط. أوقات يبدو فيها اتباع قيمنا وكأنه يضعنا في موقف ضعف تنافسي. أيام يكون فيها الأمر أسهل لو بنينا مثل الجميع.
لكن هذه التحديات بالضبط هي ما يجعل العمل ذا معنى.
رؤية 2030 لا تتعلق بالخيارات السهلة، بل بتحويل كيف نفكر، كيف نبني، كيف نعيش. لو كان هذا التحول بسيطاً، لما احتاج إلى رؤية وطنية، بل كان سيحدث بشكل طبيعي.
الصعوبة هي جوهر الموضوع. نحن نخلق شيئاً لا يوجد بشكل كامل بعد في السوق السعودي: تطوير يضع نمط الحياة أولاً ويعطي الأولوية حقاً لتجربة السكان على الربحية القصوى.
ماذا يعني هذا للمملكة العربية السعودية
عندما أبتعد عن العمل اليومي في المشاريع، أفكر في دور جريد ضمن قصة أكبر.
المملكة العربية السعودية تمر بتحول غير مسبوق. رؤية 2030 لا تمثل فقط التنويع الاقتصادي، بل إعادة تصور جوهرية لكيف نريد أن نعيش، نعمل، ونبني المجتمع.
التطوير العقاري يقع عند تقاطع هذه التغييرات. المجتمعات التي نبنيها اليوم ستشكل الحياة السعودية لعقود. ستؤثر على كيفية تفاعل العائلات، كيف ينشأ الأطفال، كيف نوازن بين التقاليد والتقدم، كيف نندمج في اقتصاد عالمي مع الحفاظ على هويتنا.
جريد تأخذ هذه المسؤولية على محمل الجد. كل مشروع نسلمه هو مساهمة في أهداف رؤية 2030، ليس لأننا نتحدث عن التوافق، بل لأننا نصمم مع تضمين تلك الأهداف في كل قرار.
عندما تخلق هضاب العبهر أحياء قابلة للمشي تشجع النشاط الخارجي والتفاعل المجتمعي، نحن نساهم في تحسين جودة الحياة.
عندما يدمج ريفيرا ريزيدنس تقنية المنزل الذكي مع التفضيلات السعودية التقليدية للخصوصية والمساحة العائلية، نحن نوضح كيف يمكن للابتكار أن يعزز قيمنا بدلاً من استبدالها.
عندما يخلق PS1 بيئات متعددة الاستخدامات تقلل من وقت التنقل وتدعم التوازن بين العمل والحياة، نحن نستجيب للاحتياجات المتطورة للعائلات السعودية.
هذه ليست إنجازات ضخمة، بل تحسينات تدريجية. لكن التحول يحدث من خلال تراكم قرارات مدروسة ومتوافقة مع القيم عبر آلاف المشاريع من قبل عشرات المطورين.
لماذا يهمني هذا شخصياً
كان بإمكاني البقاء في دوري السابق. الراتب كان منافساً، العمل مستقراً، والشركة ناجحة.
لكنني أردت أن أنظر إلى الوراء بعد عشرين عاماً وأرى مجتمعات ساعدت في خلقها وحسّنت حياة الناس بشكل حقيقي. أردت أن أخبر أطفالي أنني ساهمت في تحول المملكة بطريقة ذات معنى.
في جريد، لدي هذه الفرصة.
كل عائلة تنتقل إلى تطويراتنا تختار نمط حياة صممناه بعناية. كل مستثمر يثق بنا يراهن على رؤيتنا لمستقبل العقارات السعودية. كل مجتمع نكمله هو شهادة على ما هو ممكن عندما تعطي الأولوية للناس على الربح الخالص.
هذا ما يجعل العمل مثيراً كل يوم. ليست المعاملات العقارية أو معالم المشروع، بل معرفة أن عملنا يساهم بطرق صغيرة لكن حقيقية في بناء المملكة العربية السعودية المتصورة في رؤية 2030.
النظر إلى المستقبل
محفظة مشاريع جريد الحالية تمثل أكثر من 1,700 وحدة سكنية عبر جدة والخبر والدمام. كل واحدة مصممة بنفس الفلسفة: البشر أولاً، المجتمع في المركز، توافق رؤية 2030 مضمن في كل قرار.
مع تقدمنا في هذه المشاريع، أُذكّر باستمرار أننا لا نبني هياكل فقط، بل نساعد في كتابة الفصل التالي من التطوير السعودي.
لن يكون مثالياً. سنرتكب أخطاء. سنواجه تحديات لم نتوقعها. بعض القرارات ستثبت أنها أفضل من غيرها.
لكننا نتحرك في الاتجاه الصحيح. نطرح الأسئلة الصحيحة. نعطي الأولوية للقيم الصحيحة.
وفي صناعة غالباً ما تكتفي بـ "الجيد بما فيه الكفاية"، هذا الالتزام بالتميز، بالتحول الحقيقي وليس التغيير السطحي، يصنع كل الفرق.
الآراء المعبر عنها في هذا المقال تعكس تجربتي الشخصية ولا تمثل بالضرورة الموقف الرسمي لشركة جريد

